هل الإنترنت في المغرب أغلى من قيمته الحقيقية؟

رغم التحسينات التقنية التي عرفها قطاع الاتصالات في المغرب خلال السنوات الأخيرة، ما زال موضوع أسعار باقات الإنترنت المتنقل يثير الكثير من الجدل في الشارع المغربي. فبينما تتحدث الشركات عن تطور الخدمات ورفع السرعات، يرى المستخدمون أن الأسعار ما تزال مرتفعة مقارنة بحجم البيانات وجودة الاتصال، خصوصًا إذا ما قورنت بدول أوروبا أو حتى بعض الدول الإفريقية.

هل الإنترنت في المغرب أغلى من قيمته الحقيقية؟

محدودية الباقات وضعف القيمة مقابل السعر

تقدم شركات الاتصالات الثلاث في المغرب — اتصالات المغرب (IAM)، إنوي (Inwi) وأورنج (Orange) — عروضًا متنوعة للإنترنت المتنقل، لكن أغلبها تظل محدودة السعة.
فعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة باقة 10 جيجابايت حوالي 100 درهم شهريًا، بينما في فرنسا أو إسبانيا يمكن للمستخدم الحصول على إنترنت غير محدود تقريبًا بنفس السعر، وبسرعات تصل إلى أكثر من 100 ميغابِت في الثانية.
أما في المغرب، فالسرعات الفعلية غالبًا لا تتجاوز 20 إلى 30 ميغابِت في أغلب المدن، وأقل من ذلك في المناطق القروية والجبلية.

الأسباب وراء ارتفاع الأسعار

يرجع هذا التفاوت في الأسعار والجودة إلى عدة عوامل، أهمها:

  1. ضعف المنافسة: رغم وجود ثلاث شركات رئيسية، إلا أن السوق يبقى محدودًا، وغالبًا ما تتشابه العروض والأسعار بينها.
  2. تكاليف البنية التحتية: تغطية المناطق النائية تحتاج إلى استثمارات ضخمة، ما يجعل الشركات تتردد في توسيع شبكاتها أو تخفيض الأسعار.
  3. الضرائب والرسوم الإضافية المفروضة على قطاع الاتصالات، والتي تُرفع في النهاية على المستهلك.
  4. غياب رقابة صارمة على جودة الخدمة وسرعة الإنترنت الفعلية، مما يسمح للشركات بالإبقاء على نفس الأسعار دون تحسينات ملموسة.

أثر الأسعار على التحول الرقمي

تؤثر تكلفة الإنترنت المرتفعة على فرص التعليم والعمل عن بُعد، خصوصًا في المناطق القروية التي تعتمد على الشبكات المتنقلة كمصدر رئيسي للاتصال.
كثير من الشباب والطلبة يشتكون من نفاد البيانات بسرعة، مما يعيق استخدامهم للمنصات التعليمية أو مشاريعهم الرقمية.
هذا الوضع يجعل “التحول الرقمي” في المغرب يواجه عقبات حقيقية، رغم الإرادة الحكومية لتوسيع نطاق الرقمنة.

الحاجة إلى إصلاح السوق

من الضروري أن تعيد الجهات التنظيمية النظر في سياسة الأسعار والمنافسة داخل قطاع الاتصالات.
يجب تشجيع دخول فاعلين جدد، أو على الأقل فرض سقف سعري وحدٍّ أدنى لحجم البيانات، كما هو معمول به في العديد من الدول.
كما يُستحسن دعم مبادرات “الإنترنت المجاني أو المخفَّض” للطلبة والمناطق الريفية، حتى لا يبقى الوصول إلى الشبكة حكرًا على فئات معينة.

يبدو واضحًا أن المغرب قطع أشواطًا مهمة في مجال الاتصالات، لكن الطريق لا يزال طويلًا نحو تحقيق عدالة رقمية حقيقية.
الإنترنت لم يعد رفاهية، بل حقًّا أساسيًا لكل مواطن، وسعره يجب أن يعكس قيمته الحقيقية في حياة الناس اليومية.
خفض الأسعار وتوسيع الباقات سيُعتبر خطوة حقيقية نحو مغرب رقمي أكثر عدلاً وتقدمًا.

بوشعيب بنرحالي
بوشعيب بنرحالي
مدون ومصمم جرافيك وموشن جرافيك، مؤسس موقع Chobixo Tech، كنت أعمل كـ مدير ويب في أحد الجرائد الإلكترونية، أعمل حاليا كـ مترجم تقني لدى شركة EaseUS العالمية المتخصصة في إنتاج أدوات الإدارة الحوسبية - للتواصل معي : Benrahhali00[at]Gmail.com
تعليقات